كيف تحدث التفاعلات بين الغذاء والدواء وما هي تأثيراتها على الجسم؟ الأطعمة لها دور في تغذية الجسم، أما الأدوية تشفي الجسم من الأوجاع. وقد يذهب تفكيرنا إلى أن الطعام والدواء يعملان معاً بانسجام تام من أجل تقديم الحماية للجسم. إن هذا ما يحصل بالضبط في بعض الأحيان، إلا أن الدواء والطعام قد يتصارعان في بعض الأحيان الأخرى، فالدواء قد يمنع الأجسام من امتصاص العناصر الغذائية الموجودة في الطعام أو قد يمنع الطعام والعناصر الغذائية من الحصول على الفوائد المرجوة من الدواء.
إن التفاعلات بين الغذاء والدواء يمكن أن تحدث في أي مكان في الجسم، من حين أكل الطعام من الفم فيصل إلى المعدة ثم إلى الأمعاء الدقيقة، حيث يتم امتصاص العناصر الغذائية في الأمعاء الدقيقة فتحافظ تلك العناصر على قوة الجسم ونشاطه حين يتم توزيع العناصر الغذائية من الأمعاء الدقيقة إلى كل خلايا الجسم عبر نقلها بالدم. لكن عند تناول الأدوية، قد تبدأ الكثير من المشاكل التي نواجهها بشكل متكرر بسبب التداخلات والتأثيرات الجانبية لبعض الأدوية، والتي قد تسبب الحساسية للجسم بسبب تفاعلها مع بعض العناصر الغذائية التي تم تناولها. لذلك نجد الأطباء ينصحون بالابتعاد عن أغذية معينة عند وصف بعص الأدوية، فما هي أهم هذه التفاعلات بين الغذاء والدواء.
تأثير العناصر المغذية (الغذاء) على الدواء:
إن التفاعلات بين الغذاء والدواء تبدأ بتأثير الغذاء على الدواء، حيث وجد أن للألبان ومنتجاتها تداخلاً مع مكونات المضادات الحيوية فتتكون مركبات لا يمكن امتصاصها مما يسبب في تقليل امتصاص المضاد الحيوي فيؤدي إلى نقصان مفعوله وبالتالي ضعف في القدرة العلاجية. وكذلك وجود الأغذية الحامضية والكافيين والطماطم وعصائر الفاكهة تزيد من إفراز المعدة للأحماض التي بدورها تعمل على هدم سريع لبعض المضادات الحيوية التي تؤخذ عبر الفم مثل البنسلين(Peniciline) والأتروميسين (Atromicine) . على سبيل المثال، ينصح بإعطاء البنسلين قبل الطعام بقرابة ساعة واحدة أو بعد الانتهاء من الأكل بثلاثة ساعات كي تكون المعدة فارغة من العصارات الهاضمة. كما أن الأغذية الغنية بالدهون تقلل من معدلات الامتصاص بالنسبة لتلك الأدوية التي لا يمكنها الذوبان في الدهون، وكذلك الإكثار من الخضروات الورقية الداكنة التي تحتوي على تراكيز عالية من فيتامين K كالسبانخ والبروكلي تعمل على ضعف امتصاص بعض أدوية الدم كالوارفرين (Warfarin) مما يفقدها قدرتها العلاجية.
تأثير الدواء على العناصر المغذية:
في التفاعلات بين الغذاء والدواء قد ينتج تأثير عكسي يقوم به الدواء على العناصر الغذائية مما يمنع امتصاصها، وحرمان الجسم من الاستفادة منها ومن الفيتامينات الموجودة فيها والمعادن. فعلى سبيل المثال، إن تناول كميات كبيرة نسبياً من الاسبرين يعمل على تثبيط امتصاص فيتامين ج وكل الأدوية المضادة للحموضة في المعدة فيعمل على تدمير الحديد فيتحول الحديد من عنصر سهل الامتصاص إلى عنصر صعب الامتصاص أو كما يسمىferric iron . أيضا”، هناك بعض الأدوية التي تمنع الجسم من امتصاص عنصر الكالسيوم مثل الأدوية التي تستخدم لخفض مستوى الجلوكوز في الدم.
مما سبق نجد أنه من الضروري عند الإصابة بأي مرض، استشارة الطبيب بشكل مفصل عن تأثير الدواء على الغذاء والعكس، منعًا لحدوث أي من التفاعلات بين الغذاء والدواء والتي قد تحدث الضرر لأجسامنا.